منتديات بيت الفضائيات
اهلا بيك فى منتديات الفضائيات انت غير مسجل فتفضل بتسجيل الدخول

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات بيت الفضائيات
اهلا بيك فى منتديات الفضائيات انت غير مسجل فتفضل بتسجيل الدخول
منتديات بيت الفضائيات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير سورة فُصلت

اذهب الى الأسفل

 تفسير سورة فُصلت Empty تفسير سورة فُصلت

مُساهمة من طرف the legend الإثنين يوليو 05, 2010 6:03 am



 تفسير سورة فُصلت Icon

((ذكرى لمن كان له قلب )) ــ الجزء ( تفسير سورة فُصلت (أ)

قال تعالى : ((كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكرأولوالألباب
))




 تفسير سورة فُصلت Rosebudsxa9

[‏1 - 8‏]‏ {حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ
فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا
وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا
قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا
وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ
* قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا
إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ
وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ
بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ‏
}‏



يخبر تعالى عباده أن هذا
الكتاب الجليل والقرآن الجميل
‏{‏تَنْزِيلُ‏}‏
صادر{‏مِنَ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏}
الذي وسعت رحمته كل
شيء، الذي من أعظم رحمته وأجلها، إنزال هذا الكتاب، الذي حصل به، من العلم
والهدى، والنور، والشفاء، والرحمة، والخير الكثير، ما هو من أجل نعمه على
العباد، وهو الطريق للسعادة في الدارين‏
.‏


ثم أثنى على الكتاب بتمام البيان فقال‏:‏ ‏{‏فُصِّلَتْ
آيَاتُهُ‏
}‏ أي‏:‏ فصل كل شيء من أنواعه على حدته، وهذا يستلزم
البيان التام، والتفريق بين كل شيء، وتمييز الحقائق‏.‏ ‏{‏قُرْآنًا عَرَبِيًّا‏}‏
أي‏:‏ باللغة الفصحى أكمل اللغات، فصلت آياته وجعل عربيًا‏.‏ ‏{‏لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ‏}‏ أي‏:‏ لأجل أن يتبين لهم
معناه، كما تبين لفظه، ويتضح لهم الهدى من الضلال، والْغَيِّ من الرشاد‏.‏

وأما الجاهلون، الذين لا يزيدهم الهدى إلا
ضلالاً، ولا البيان إلا عَمًى فهؤلاء لم يُسَقِ الكلام لأجلهم، ‏{‏سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ
أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ‏
}



‏{‏بَشِيرًا وَنَذِيرًا‏}‏ أي‏:‏ بشيرًا بالثواب العاجل
والآجل، ونذيرًا بالعقاب العاجل والآجل، وذكر تفصيلهما، وذكر الأسباب
والأوصاف التي تحصل بها البشارة والنذارة، وهذه الأوصاف للكتاب، مما يوجب
أن يُتَلقَّى بالقبول، والإذعان، والإيمان، والعمل به، ولكن أعرض أكثر
الخلق عنه إعراض المستكبرين، ‏{‏فَهُمْ لَا
يَسْمَعُونَ‏}
‏ له سماع قبول وإجابة، وإن كانوا قد سمعوه سماعًا،
تقوم عليهم به الحجة الشرعية‏.‏


‏{‏وَقَالُوا‏}‏ أي‏:‏ هؤلاء
المعرضون عنه، مبينين عدم انتفاعهم به، بسد الأبواب الموصلة إليه‏:‏ ‏{‏قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ‏}‏ أي‏:‏ أغطية مغشاة ‏{‏مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ‏}
أي‏:‏ صمم فلا نسمع لك ‏{‏وَمِنْ بَيْنِنَا
وَبَيْنِكَ حِجَابٌ‏}
‏ فلا نراك‏.‏


القصد من ذلك، أنهم أظهروا الإعراض عنه، من كل
وجه، وأظهروا بغضه، والرضا بما هم عليه، ولهذا قالوا‏:‏ ‏{‏فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ‏}‏ أي‏:‏ كما رضيت
بالعمل بدينك، فإننا راضون كل الرضا، بالعمل في ديننا، وهذا من أعظم
الخذلان، حيث رضوا بالضلال عن الهدى، واستبدلوا الكفر بالإيمان، وباعوا
الآخرة بالدنيا‏.‏


‏{‏قُل‏}‏ لهم يا
أيها النبي‏
:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ‏}
‏ أي‏:‏ هذه صفتي ووظيفتي، أني بشر
مثلكم، ليس بيدي من الأمر شيء، ولا عندي ما تستعجلون به، وإنما فضلني اللّه
عليكم، وميَّزني، وخصَّني، بالوحي الذي أوحاه إليَّ وأمرني باتباعه،
ودعوتكم إليه‏.‏

‏{‏فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ‏}‏ أي‏.‏ اسلكوا الصراط
الموصل إلى اللّه تعالى، بتصديق الخبر الذي أخبر به، واتباع الأمر، واجتناب
النهي، هذه حقيقة الاستقامة، ثم الدوام على ذلك،


وفي قوله‏:‏ ‏{‏إِلَيْهِ‏}‏
تنبيه على الإخلاص، وأن العامل ينبغي له أن يجعل مقصوده و

غايته، التي يعمل لأجلها، الوصول إلى اللّه،
وإلى دار كرامته، فبذلك يكون عمله

خالصًا صالحًا نافعًا، وبفواته، يكون عمله باطلاً‏.‏

ولما كان العبد، ـ ولو حرص على الاستقامةـ لا
بد أن يحصل منه خلل بتقصير بمأمور، أو ارتكاب منهي، أمره بدواء ذلك
بالاستغفار المتضمن للتوبة فقال‏:‏ ‏{‏وَاسْتَغْفِرُوهُ‏}‏
ثم توَّعد من ترك الاستقامة فقال‏:‏ ‏{‏وَوَيْلٌ
لِلْمُشْرِكِينَ الذين لا يؤتون الزكاة‏}
‏ أي‏:‏ الذين عبدوا من
دونه من لا يملك نفعًا ولا ضرًا، ولا موتًا، ولا حياة، ولا نشورًا ودنسوا
أنفسهم، فلم يزكوها بتوحيد ربهم والإخلاص له، ولم يصلوا ولا زكوا، فلا
إخلاص للخالق بالتوحيد والصلاة، ولا نفع للخلق بالزكاة وغيرها‏.‏


{‏وَهُمْ
بِالْآخِرَةِ هم كَافِرُونَ‏}
‏ أى‏:‏ لا يؤمنون بالبعث، ولا بالجنة
والنار، فلذلك لما زال الخوف من قلوبهم، أقدموا على ما أقدموا عليه، مما
يضرهم في الآخرة‏.‏

ولما
ذكر الكافرين، ذكر المؤمنين، ووصفهم وجزاءهم، فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ بهذا الكتاب، وما
اشتمل عليه مما دعا إليه من الإيمان، وصدقوا إيمانهم بالأعمال الصالحة
الجامعة للإخلاص، والمتابعة‏.‏ ‏

{‏لَهُمْ أَجْرٌ‏}‏ أي‏:‏ عظيم ‏{‏غَيْرُ مَمْنُونٍ‏}‏ أي‏:‏ غير مقطوع ولا نافد، بل هو
مستمر

مدى الأوقات،
متزايد على الساعات، مشتمل على جميع اللذات والمشتهيات‏.‏

 تفسير سورة فُصلت Rosebudsxa9

‏[‏9 - 12‏]‏ ‏{‏قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ
فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ *
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ
فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ *
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا
وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا
طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي
كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ
وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ‏
}



ينكر تعالى ويعجِّب، من
كفر الكافرين به، الذين جعلوا معه أندادا يشركونهم معه، ويبذلون لهم ما
يشاؤون من عباداتهم، ويسوونهم بالرب العظيم، الملك الكريم، الذي خلق الأرض
الكثيفة العظيمة، في يومين، ثم دحاها في يومين، بأن جعل فيها رواسي من
فوقها، ترسيها عن الزوال والتزلزل وعدم الاستقرار‏.‏


فكمل خلقها، ودحاها، وأخرج أقواتها، وتوابع
ذلك ‏{‏فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً
لِلسَّائِلِينَ‏}
‏ عن ذلك، فلا ينبئك مثل خبير، فهذا الخبر الصادق
الذي لا زيادة فيه ولا نقص‏.‏


‏{‏ثُمَّ‏}‏ بعد أن خلق الأرض ‏{‏اسْتَوَى‏}‏ أي‏:‏ قصد
‏{‏إِلَى‏}‏ خلق ‏{‏السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ‏}
قد ثار على وجه الماء، ‏{‏فَقَالَ لَهَا‏}‏ ولما كان هذا التخصيص يوهم
الاختصاص، عطف عليه


بقوله‏:‏ ‏{‏وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا
طَوْعًا أَوْ كَرْهًا‏}
‏ أي‏:‏ انقادا لأمري، طائعتين أو مكرهتين،
فلا بد من نفوذه‏.

‏ ‏{‏قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ‏}‏ ليس لنا إرادة
تخالف إرادتك‏.‏


{‏فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ‏}
فَتَمَّ خلق السماوات والأرض في ستة أيام، أولها يوم الأحد، وآخرها يوم
الجمعة، مع أن قدرة اللّه ومشيئته صالحة لخلق الجميع في لحظة واحدة، ولكن
مع أنه قدير، فهو حكيم رفيق، فمن حكمته ورفقه، أن جعل خلقها في هذه المدة
المقدرة‏.‏


واعلم
أن ظاهر هذه الآية، مع قوله تعالى في النازعات، لما ذكر خلق السماوات
قال‏:‏ ‏{‏وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا‏}
يظهر منهما التعارض، مع أن كتاب اللّه، لا تعارض فيه ولا اختلاف‏.‏


والجواب عن ذلك، ما قاله كثير من السلف، أن
خلق الأرض وصورتها متقدم على خلق السماوات كما هنا، ودحي الأرض بأن ‏{‏أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ
أَرْسَاهَا‏}
‏ متأخر عن خلق السماوات كما في سورة النازعات، ولهذا
قال فيها‏:‏ ‏{‏وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
أَخْرَجَ مِنْهَا‏}
‏ إلى آخره ولم يقل‏:‏ ‏"‏والأرض بعد ذلك
خلقها‏"‏


وقوله‏:‏

{‏وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا‏}‏ أي‏:‏
الأمر والتدبير اللائق بها، الذي اقتضته حكمة أحكم الحاكمين‏.‏


{‏وَزَيَّنَّا
السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ‏}
‏ هي‏:‏ النجوم، يستنار، بها،
ويهتدى، وتكون زينة وجمالاً للسماء ظاهرًا، وجمالاً لها، باطنًا، بجعلها
رجومًا للشياطين، لئلا يسترق السمع فيها‏.‏ ‏{‏ذَلِكَ‏}‏
المذكور، من الأرض وما فيها، والسماء وما فيها ‏{‏تَقْدِيرُ
الْعَزِيزِ‏
}‏ الذي عزته، قهر بها الأشياء ودبرها، وخلق بها
المخلوقات‏.‏ ‏{‏الْعَلِيمِ‏}‏
الذي أحاط علمه بالمخلوقات، الغائب والشاهد‏.‏

 تفسير سورة فُصلت Rosebudsxa9

فَتَرْكُ المشركين
الإخلاص لهذا الرب العظيم الواحد القهار، الذي انقادت المخلوقات لأمره ونفذ
فيها قدره، من أعجب الأشياء، واتخاذهم له أندادًا يسوونهم به، وهم ناقصون
في أوصافهم وأفعالهم، أعجب، وأعجب، ولا دواء لهؤلاء، إن استمر إعراضهم، إلا
العقوبات الدنيوية والأخروية، فلهذا خوفهم بقوله‏:‏


‏[‏13 - 14‏]‏ ‏{‏فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ
صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا
لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ
بِهِ كَافِرُونَ‏
}


أي‏:‏ فإن أعرض هؤلاء المكذبون بعد ما بين لهم من أوصاف
القرآن الحميدة، ومن صفات الإله العظيم ‏{‏فَقُلْ
أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً‏}
‏ أي‏:‏ عذابًا يستأصلكم ويجتاحكم، ‏{‏مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ‏}القبيلتين المعروفتين، حيث اجتاحهم العذاب، وحل
عليهم، وبيل العقاب، وذلك بظلمهم وكفرهم‏.‏


حيث ‏{‏جَاءَتْهُمُ
الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِم‏}
‏ أي‏:‏ يتبع
بعضهم بعضا متوالين، ودعوتهم جميعا واحدة‏.‏ ‏

{‏أَنْ لَا تَعْبُدُوا
إِلَّا اللَّهَ‏}
‏ أي‏:‏ يأمرونهم بالإخلاص للّه، وينهونهم عن
الشرك، فردوا رسالتهم وكذبوهم، ‏

{‏قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا
لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً‏}
‏ أي‏:‏ وأما أنتم فبشر مثلنا ‏{‏فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ‏}
وهذه الشبهة لم تزل متوارثة بين المكذبين، من الأمم وهي من أوهى الشُّبَهِ،
فإنه ليس من شرط الإرسال، أن يكون المرسل مَلَكًا، وإنما شرط الرسالة، أن
يأتي الرسول بما يدل على صدقه، فَلْيَقْدَحُوا، إن استطاعوا بصدقهم، بقادح
عقلي أو شرعي، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا‏.‏

 تفسير سورة فُصلت Rosebudsxa9

‏[‏15 - 16‏]‏ ‏{‏فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ
اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا
بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي
أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ‏
}‏



هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين، عاد،
وثمود‏.
‏ ‏{‏فَأَمَّا عَادٌ‏}‏ فكانوا ـ مع كفرهم باللّه، وجحدهم بآيات اللّه، وكفرهم برسلهـ مستكبرين في الأرض، قاهرين لمن حولهم من العباد،
ظالمين لهم، قد أعجبتهم قوتهم‏
.‏ ‏
{‏وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا
قُوَّةً‏}
‏ قال تعالى ردًا عليهم، بما يعرفه كل أحد‏:‏
‏{‏أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً‏}‏

فلولا خلقه إياهم، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظرًا صحيحًا، لم
يغتروا بقوتهم، فعاقبهم اللّه عقوبة، تناسب قوتهم، التي اغتروا بها‏.‏


{‏فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا‏}
‏ أي‏:‏ ريحًا عظيمة، من قوتها
وشدتها، لها صوت مزعج، كالرعد القاصف‏.‏ فسخرها اللّه عليهم ‏{‏سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى
الْقَوْمَ

يهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ‏}
‏{‏نحسات‏}‏ فدمرتهم وأهلكتهم، فأصبحوا لا يرى


إلا مساكنهم‏.‏ وقال هنا‏:‏ ‏{‏لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا‏}
‏ الذي اختزوا به


وافتضحوا بين الخليقة‏.‏ ‏{‏وَلَعَذَابُ
الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ‏}
‏ أي‏:‏ لا يمنعون من
عذاب اللّه، ولا ينفعون أنفسهم‏.‏

 تفسير سورة فُصلت Rosebudsxa9

‏[‏17 - 18‏]‏ ‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى
عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا
كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا
يَتَّقُونَ‏
}



وأما ثمود وهم
القبيلة المعروفة الذين سكنوا الحجر وحواليه، الذين أرسل اللّه إليهم
صالحًا عليه السلام،
يدعوهم إلى توحيد ربهم، وينهاهم عن الشرك
وآتاهم اللّه الناقة، آية عظيمة، لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، يشربون لبنها
يومًا ويشربون من الماء يومًا، وليسوا ينفقون عليها، بل تأكل من أرض
اللّه، ولهذا قال هنا‏:‏


{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُم‏}
أي‏:‏ هداية بيان، وإنما نص عليهم، وإن كان جميع الأمم المهلكة، قد قامت
عليهم الحجة، وحصل لهم البيان، لأن آية ثمود، آية باهرة، قد رآها صغيرهم
وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وكانت آية مبصرة، فلهذا خصهم بزيادة البيان
والهدى‏.‏

ولكنهم ـ
من ظلمهم وشرهم ـ استحبوا العمى ـ الذي هو الكفر والضلال ـ على الهدى ـ
الذي هو‏:‏ العلم والإيمانـ ‏{‏فَأَخَذَتْهُمْ
صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ‏}

لا ظلمًا من اللّه لهم‏.‏
{‏وَنَجَّيْنَا
الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ‏}
‏ أي نجى اللّه صالحًا
عليه السلام ومن اتبعه من المؤمنين المتقين للشرك، والمعاصي‏.‏

 تفسير سورة فُصلت Rosebudsxa9
‏[‏19 - 24‏]‏ ‏{‏وَيَوْمَ
يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى
إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ
وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ
شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ
شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا
كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا
أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا
يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي
ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ *
فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا
هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ‏
}


يخبر تعالى عن أعدائه،
الذين بارزوه بالكفر به وبآياته، وتكذيب رسله ومعاداتهم ومحاربتهم، وحالهم
الشنيعة حين يحشرون، أي‏:‏ يجمعون‏
.‏ ‏{‏إِلَى
النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ‏}
‏ ‏[‏أي‏]‏‏:‏ يرد أولهم على آخرهم،
ويتبع آخرهم أولهم، ويساقون إليها سوقا عنيفًا، لا يستطيعون امتناعًا، ولا
ينصرون أنفسهم، ولا هم ينصرون‏
.‏

{‏حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا‏}‏ أي‏:‏ حتى إذا
وردوا على النار، وأرادوا الإنكار، أو أنكروا ما عملوه من المعاصي، ‏{‏شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ
وَجُلُودُهُم‏}
‏ عموم بعد خصوص‏.‏ ‏{‏بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}
‏ أي‏:‏ شهد عليهم كل عضو من أعضائهم، فكل عضو
يقول‏:‏ أنا فعلت كذا وكذا، يوم كذا وكذا‏.‏ وخص هذه الأعضاء الثلاثة، لأن
أكثر الذنوب، إنما تقع بها، أو بسببها‏.‏

فإذا شهدت عليهم عاتبوها، ‏{‏وَقَالُوا لِجُلُودِهِم‏}‏ هذا دليل عل أن الشهادة
تقع من كل عضو كما ذكرنا‏:‏ ‏{‏لِمَ شَهِدْتُمْ
عَلَيْنَا‏}
‏ ونحن ندافع عنكن‏؟‏ ‏{‏قَالُوا
أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ‏}
‏ فليس في
إمكاننا، الامتناع عن الشهادة حين أنطقنا الذي لا يستعصي عن مشيئته أحد‏.‏


{‏وَهُوَ خَلَقَكُمْ
أَوَّلَ مَرَّةٍ‏}
‏ فكما خلقكم بذواتكم، وأجسامكم، خلق أيضا صفاتكم،
ومن ذلك، الإنطاق‏.‏ ‏{‏وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏}‏ في الآخرة، فيجزيكم بما
عملتم، ويحتمل أن المراد بذلك، الاستدلال على البعث بالخلق الأول، كما هو
طريقة القرآن‏.‏


{‏وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ
سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُم‏}
‏ أي‏:‏ وما
كنتم تختفون عن شهادة أعضائكم عليكم، ولا تحاذرون من ذلك‏.‏ ‏{‏وَلَكِنْ ظَنَنْتُم‏}‏ بإقدامكم على المعاصي ‏{‏أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا
تَعْمَلُونَ‏}
‏ فلذلك صدر منكم ما صدر، وهذا الظن، صار سبب هلاكهم
وشقائهم ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ
الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُم‏}
‏ الظن السيئ، حيث ظننتم به، ما لا
يليق بجلاله‏.‏


‏{‏أَرْدَاكُم‏}‏ أي‏:‏ أهلككم ‏{‏فَأَصْبَحْتُمْ
مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}
‏ لأنفسهم وأهليهم وأديانهم بسبب الأعمال التي
أوجبها لكم ظنكم القبيح بربكم، فحقت عليكم كلمة العقاب والشقاء، ووجب
عليكم الخلود الدائم، في العذاب، الذي لا يفتر عنهم ساعة‏:‏


{‏فَإِنْ يَصْبِرُوا
فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُم‏}
‏ فلا جَلَدَ عليها، ولا صبر، وكل حالة
قُدِّر إمكان الصبر عليها، فالنار لا يمكن الصبر عليها، وكيف الصبر على
نار، قد اشتد حرها، وزادت على نار الدنيا، بسبعين ضعفًا، وعظم غليان
حميمها، وزاد نتن صديدها، وتضاعف برد زمهريرها وعظمت سلاسلها وأغلالها،
وكبرت مقامعها، وغلظ خُزَّانها، وزال ما في قلوبهم من رحمتهم، وختام ذلك
سخط الجبار، وقوله لهم حين يدعونه ويستغيثون‏:‏ ‏{‏اخْسَئُوا
فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ‏}


‏{‏وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا‏}‏
أي‏:‏ يطلبوا أن يزال عنهم العتب، ويرجعوا إلى الدنيا، ليستأنفوا العمل‏.‏
{‏فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ‏}‏ لأنه
ذهب وقته، وعمروا، ما يعمر فيه من تذكر وجاءهم النذير وانقطعت حجتهم، مع أن
استعتابهم، كذب منهم ‏{‏وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا
لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ‏}


 تفسير سورة فُصلت Rosebudsxa9

‏[‏25‏]‏ ‏{‏وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا
بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ

فِي
أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ
كَانُوا خَاسِرِينَ‏
}


أي‏:‏ وقضينا لهؤلاء الظالمين الجاحدين
للحق
‏{‏قُرَنَاءَ‏}‏ من الشياطين، كما قال تعالى‏:‏ ‏


{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّا
أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا‏}

أي تزعجهم إلى المعاصي وتحثهم عليها، بسبب ما زينوا ‏{‏لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم‏}
فالدنيا زخرفوها بأعينهم، ودعوهم إلى لذاتها وشهواتها المحرمة حتى
افتتنوا، فأقدموا على معاصي اللّه، وسلكوا ما شاءوا من محاربة اللّه ورسله
والآخرة بَعّدُوها عليهم وأنسوهم ذكرها، وربما أوقعوا عليهم الشُّبه، بعدم
وقوعها، فترحَّل خوفها من قلوبهم، فقادوهم إلى الكفر، والبدع، والمعاصي‏.‏


وهذا التسليط والتقييض من اللّه للمكذبين
الشياطين، بسبب إعراضهم عن ذكر اللّه وآياته، وجحودهم الحق كما قال
تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَعْشُ
عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
مُهْتَدُونَ‏
}


{‏وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ‏}
أي‏:‏ وجب عليهم، ونزل القضاء والقدر بعذابهم ‏{‏فِي‏}‏ جملة ‏{‏أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ‏}
‏ لأديانهم وآخرتهم، ومن
خسر، فلا بد أن يذل ويشقى ويعذب‏.‏

 تفسير سورة فُصلت Rosebudsxa9

‏[‏26 - 29‏]‏ ‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا
الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ * فَلَنُذِيقَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ
الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ
لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا
يَجْحَدُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ
أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا
لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ‏
}


يخبر تعالى عن إعراض
الكفار عن القرآن، وتواصيهم بذلك، فقال‏
:‏ ‏{‏وَقَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ‏}
‏ أي‏:‏
أعرضوا عنه بأسماعكم، وإياكم أن تلتفتوا، أو تصغوا إليه ولا إلى من جاء به،
فإن اتفق أنكم سمعتموه، أو سمعتم الدعوة إلى أحكامه، فـ ‏{‏الْغَوْا فِيهِ‏}‏ أي‏:‏ تكلموا بالكلام الذي لا
فائدة فيه، بل فيه المضرة، ولا تمكنوا ـ مع قدرتكم ـ أحدًا يملك عليكم
الكلام به، وتلاوة ألفاظه ومعانيه، هذا لسان حالهم، ولسان مقالهم، في
الإعراض عن هذا القرآن، ‏{‏لَعَلَّكُم‏}‏ إن
فعلتم ذلك ‏{‏تَغْلِبُونَ‏}‏ ‏lue]وهذه‏]‏ شهادة من الأعداء، وأوضح الحق، ما شهدت به
الأعداء، فإنهم لم يحكموا بغلبتهم لمن جاء بالحق إلا في حال الإعراض عنه
والتواصي بذلك، ومفهوم كلامهم، أنهم إن لم يلغوا فيه، بل استمعوا إليه،
وألقوا أذهانهم، أنهم لا يغلبون، فإن الحق، غالب غير مغلوب، يعرف هذا،
أصحاب الحق وأعداؤه‏.‏


ولما كان هذا ظلمًا منهم وعنادًا، لم يبق فيهم مطمع للهداية،
فلم يبق إلا عذابهم ونكالهم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فَلَنُذِيقَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ
الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}
‏ وهو الكفر والمعاصي، فإنها أسوأ ما
كانوا يعملون، لكونهم يعملون المعاصي وغيرها، فالجزاء بالعقوبة، إنما هو
على عمل الشرك ‏{‏وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا‏}


{‏ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ‏}‏ الذين
حاربوه، وحاربوا أولياءه، بالكفر والتكذيب، والمجادلة والمجالدة‏.‏ ‏{‏النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ‏}‏ أي‏:‏
الخلود الدائم، الذي لا يفتر عنهم العذاب ساعة، ولا هم ينصرون، وذلك ‏{‏جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ‏}
فإنها آيات واضحة، وأدلة قاطعة مفيدة لليقين، فأعظم الظلم وأكبر العناد،
جحدها، والكفر بها‏.‏



{‏وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا‏}
‏ أي‏:‏ الأتباع منهم، بدليل ما بعده، على وجه الحنق، على
من أضلهم‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ
أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ‏}
‏ أي‏:‏ الصنفين اللذين،
قادانا إلى الضلال والعذاب، من شياطين الجن، وشياطين الإنس، الدعاة إلى
جهنم‏.‏

{‏نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا
لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ‏}
‏ أي‏:‏ الأذلين المهانين كما
أضلونا، وفتنونا، وصاروا سببًا لنزولنا‏.‏ ففي هذا، بيان حنق بعضهم على
بعض، وتبرِّي بعضهم من بعض‏.‏

تم بحمد الله تفسير نصف سوره فصلت





the legend
the legend
مدير المنتدى
مدير المنتدى

عدد المساهمات : 414
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 40

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى